الآيات ( 114 1 6 )
مقدمة تفسير سورة الناس بسم الله الرحمن الرحيم سورة الناس وهي مكية
هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل الربوبية والملك والإلهية فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة عبيد له فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس وهو الشيطان الموكل بالإنسان فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولايألوه جهدا في الخبال والمعصوم من عصمه الله
وقد ثبت في الصحيح أنه ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه قالوا وأنت يا رسول الله قال نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير وثبت في الصحيح عن أنس في قصة زيارة صفية للنبي وهو معتكف وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها فلقيه رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي أسرعا فقال رسول الله على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال إن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي 4301 حدثنا محمد بن بحر حدثنا عدي بن أبي عمارة حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك قال قال رسول الله إن الشيطان واضع خطمه على قلب بن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس غريب وقال الإمام أحمد 595 حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله قال عثر بالنبي حمارة فقلت تعس الشيطان فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لاتقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته وإذا قلت باسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب تفرد به أحمد إسناده جيد قوي وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب وقال الإمام أحمد 2230 حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن أحدكم إذا كان في المسجد جاء الشيطان فالتبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو ألجمه قال أبو هريرة رضي الله عنه وأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل تفرد به أحمد وقال سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله ( الوسواس الخناس ) قال الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس وكذا قال مجاهد وقتادة وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب بن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس وقال العوفي عن بن عباس في قوله ( الوسواس ) قال هو الشيطان يأمر فإذا أطيع خنس وقوله تعالى ( الذي يوسوس في صدور الناس ) هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظاهر أو يعم بني آدم والجن فيه قولان ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا وقال بن جرير وقد استعمل فيهم رجال من الجن فلا بدع في إطلاق الناس عليهم وقوله تعالى ( من الجنة والناس ) هل هو تفصيل لقوله ( الذي يوسوس في صدور الناس ) ثم بينهم فقال ( من الجنة والناس ) وهذا يقوي القول الثاني وقيل لقوله ( من الجنة والناس ) تفسير للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) وكما قال الإمام أحمد 5178 حدثنا وكيع حدثنا المسعودي حدثنا أبو عمر الدمشقي حدثنا عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال أتيت رسول الله وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت قلت لا قال قم فصل قال فقمت فصليت ثم جلست فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين قال نعم قال فقلت يا رسول الله الصلاة قال خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر قلت يا رسول الله فالصوم قال فرض مجزىء وعند الله مزيد قلت يا رسول الله فالصدقة قال أضعاف مضاعفة قلت يا رسول الله فأيها أفضل قال جهد من مقل أوسر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول قال آدم قلت يا رسول الله ونبيا كان قال نعم نبي مكلم قلت يا رسول الله كم المرسلون قال ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا وقال مرة خمسة عشر قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم قال آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ورواه النسائي 8275 من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدا أبو حاتم بن حبان في صحيحه 361 بطريق آخر ولفظ آخر مطول جدا فالله أعلم وقال الإمام أحمد 1235 حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله بن شداد عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال فقال النبي الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ورواه أبو داود 5112 والنسائي من حديث منصور زاد النسائي والأعمش كلاهما عن ذر به آخر التفسير ولله الحمد والمنة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ورضي الله عن الصحابة أجمعين حسبنا الله ونعم الوكيل وكان الفراغ منه في العاشر من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وثمان مئة والحمد لله رب العالمين
والى اللقاء مع سورة آخرى وتفسير لها حسب رؤية الامام ابن كثير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته